مفتي خانيونس يصدر فتوى بخصوص هجرة بعض الشباب من غزة

 



المتقدمون


فتوى شيخنا الفقيه إحسان عاشور بخصوص هجرة بعض الشباب من غزة.


إصدارنا الجديد رقم ( 279 ) لشهر ربيع أول 1445 هـ

الهِجْرَةُ مِنَ الأوطَانِ بالتَّهرِيبِ واللُّجُوءِ مُخاطَرَةٌ وخُسرَانٌ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:


فقد تنامَتْ في الآونة الأخيرة هجرةُ الشباب، وهُروبُهم من قطاع غزة، وهذا يَدعونا أنْ نضَعَ رؤيتَنا الشرعية في معالَجَةِ هذه الظَّاهِرَةِ الْخَطيرة، وذلك في ثلاث نقاط:


أولاً/ إنَّ إفرازاتِ هجرةِ الشباب إلى بلادِ الكُفْرِ، والتـَّجارِبَ السابقةَ لِمَنْ مَضَوا على هذا الدَّربِ، لَتُنْبِيءُ عن مَفَاسِدَ عظيمةٍ، ومَخَاطِرَ كبيـرةٍ، تصِلُ بِهِم إلى حَدِّ الوقوع في الإثـم والْحُرمَة، وذلك للأسباب الْخَمسَةِ التالية:


( 1 ) لا يَجوزُ للْمسلم أنْ يُهَاجِرَ مِنْ وَطَنِهِ إلا إذا كان لا يستطيعُ أنْ يُقِيمَ فِيهِ شَعائِرَ دِيْنِهِ الظـَّاهِرَةَ؛ فيُهَاجِرُ حينها فِرَاراً بِدِينِهِ إلى بَلَدٍ يَتمَكَّنُ مِنْ إقامَتِهَا فِيهِ، وهذا مُنتـَفٍ في قطاع غزة؛ فإنَّ الْحُرِّيَة الدِّينِيَّةَ في فلسطين، وبالأخَّصِ في قطاع غزة، لا تـُضَاهِيْهَا فيها كُلُّ البلاد العربية، ومُعظمُ البلاد الإسلامية، وكثيرٌ من بقاع الأرض؛ فـَلِمَ الهجرةُ إذَنْ؟!


( 2 ) لا يَجوز للمسلم أنْ يُقيمَ بين أظْهُرِ الْمشركين، إلا لِعُذرٍ شرعِي، أو قياماً بواجِبِ الدَّعوة إلى الله عز وجل؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: " أَنـَا بـَرِيءٌ مِـنْ كُـلِّ مُـسْـلِـمٍ مُـقِـيـمٍ بَـيْـنَ أَظْـهُـرِ الْمُشْـرِكِيـنَ " أخرجه أبو داود عن جرير رضي الله عنه ورقمه (1604)؛ وذلك لِما في الإقامة بين أظهُرِهم مِنَ الانصِهارِ في مُجتمِعهم، والتـَّأثــُّر بِعَادَاتِهم، ولو تدريْجياً، وفي هذا مخاطِرُ كبيرةٌ على الدِّين، والعقيدةِ، والأخلاق، وفي أكثر تلك البُلدان يَفقدُ الْمسلمُ قِوَامَتـَهُ علىٰ زوجَتِهِ، وَوَلايَتـَهُ علىٰ أبنائِهِ؛ فإنْ أدَّبَهُم أخذوهُم مِنهُ، وَوَضَعُوهُم في مَحَاضِنَ صلي /بيةٍ مُفسِدَةٍ.


( 3 ) ليست الهجرةُ ميسُورَةً لِمَنْ أرَادَ؛ فالْحُدُودُ، والتأشيراتُ، والإقامات، وفـُرَصُ العمل، مِنْ أعقَدِ ما يكون؛ فإنَّ حُرِّيَةَ الْحركة مُقيَّدَةٌ إلى حَدٍّ كبيرٍ؛ لذا فإننا نسمَعُ أنَّ أكثرَ شبابِنَا يُهاجِرُ بطريقة التهريبِ، والهجرةِ غيرِ القانونية، واللُّجوءِ، فيَتعَرَّضُ مُعظَمُهُم للذُّلِّ والْمَهانَةِ، والاعتقال، والطـَّردِ والترحيل، أو للموتِ غَرَقاً، وهذا ما لا يَجوز للمسلم أنْ يُعَرِّضَ نفسَهُ لَه.


( 4 ) إنَّ الْمُهاجِرَ غريبٌ في إقامَتِهِ، ضَعيفٌ في مَوقِفِهِ؛ فهو عُرضَةٌ لابتِزَازِ الْمُوسَادِ، وأجهزةِ الْمُخَابَرَات، وفريسَةٌ يَسهُلُ اصطِيادُها، وإيقاعُها في وَحلِ العَمَالَة والْخِيَانَةِ لِدِينِهِ، وَوَطَنِهِ، وأمَّتِهِ.


( 5 ) يُمكِنُ للشـَّابِّ أنْ يُقيمَ بِنَفَقاتِ السَّفَرِ والتـَّهريبِ مشروعاً صغيراً يَعتاشُ مِنهُ إلى أنْ تـَمُرَّ حِقبَةُ الابتلاء بشيءٍ من الْخَوفِ والْجُوعِ، ونقصٍ مِنَ الأموالِ والأنفُسِ والثـَّمرات؛ فإنَّ الله تعالى قد وَعَدَ الْمجاهِدين الصَّابِرينَ بِثوابِ الدُّنيا، وحُسْنِ ثوابِ الآخِرَةِ.


ثانياً/ إنَّ شروطَ جَوَازِ السَّفر طَلَبَاً للرِّزق مُنتَفِيَةٌ؛ كُلـُّها أو جُلـُّها في حَقِّ الْمُغادِرين لِهذه الأرضِ الْمُحتلَّةِ، وأهَمُّها ثلاثةٌ:

1 ـ ألا تكون نِيَّتـُهُ تركَ أرضِ الرِّباط، والهجرةَ منها.
2 ـ أنْ يكونَ خُرُوجُهُ بِطَريقٍ قانوني لا مُخاطَرَةَ فيه، فيُسافِرُ عزيزاً مُكَرَّماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " ‌لا ‌يَـنْـبَـغِي ‌لِمُـؤْمِـنٍ ‌أَنْ يـُذِلَّ ‌نَـفْـسَـهُ، قَـالُـوا: وَكَـيْـفَ يُـذِلُّ ‌نَـفْـسَـهُ ؟ قَـالَ: يَـتَـعَـرَّضُ مِـنَ الْـبَـلاءِ لِـمَـا لا يُـطِـيـقُ " أخرجه الترمذي عن حذيفة ورقمه (2254).


3 ـ أنْ يكونَ عِنْدَهُ دِيْنٌ مَتِيْنٌ، يَمنعُهُ مِنَ الوُقوعِ في الشَّهَواتِ والْمَعاصي، ولَدَيْهِ عِلْمٌ شَرعِيٌّ يَدفَعُ بِهِ الشُبُهاتِ عن دِيْنِهِ وعَقِيدَتِه.

ثالثاً/ إنَّ وُلاةَ الأمر مُطالَبون بتوفيـر مُقوِّمات العَيْشِ، وفـُرَصِ العَمَل للمُواطِنين، ما استَطاعُوا إلى ذلكَ سَبِيلاً، وإلا فإنـَّهُمْ آثـِمُونَ، وعَنْ رَعِيَّتِهِمْ أمامَ اللهِ تعالى مَسؤولون.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.


مفتي محافظة خان يونس
الشيخ / إحسان إبراهيم عاشور


ندعوك للانضمام لقناتنا على التيليجرام من هنا لتصلك أحدث الأخبار العاجلة، والوظائف الشاغرة، والمنح الدراسية، والملفات التعليمية.



ليست هناك تعليقات