بدء العمل على هدنة عيد الفطر في غزة بعد فشل تهدئة رمضان
المتقدمون
كشفت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة الخاصة بملف الأوضاع في قطاع غزة أن الوفد الإسرائيلي، الذي زار القاهرة، "لم يقدم أي جديد يمكن من خلاله اختراق الموقف المتأزم للمفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل للأسرى"، موضحة أنه "بدأ العمل على مسار بديل من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أيام تبدأ بحلول عيد الفطر"، وذلك بعد فشل التوصل إلى هدنة في رمضان.
وقال مصدر مصري، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة الوفد لم تكن مدرجة تحت مسار مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بدرجة كبيرة، لكنها بالأساس جاءت لترتيبات أمنية ولوجستية متعلقة بالأوضاع على الحدود بين مصر وقطاع غزة".
مفاوضات غزة متوقفة عند نقاط الخلاف الرئيسة
وأكد المصدر أن "المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار متوقفة عند نقاط الخلاف الرئيسية التي لم يجرِ تجاوزها حتى الآن"، مشدداً على أنه "لا توجد تصورات واضحة من الجانب الإسرائيلي تتضمن السماح بعودة المهجرين إلى شمال القطاع".
وقال المصدر إنه "بعد تأكد الوسطاء من صعوبة التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار وتعطيل الاجتياح البري لرفح، بدأ العمل على مسار بديل من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أيام تبدأ بحلول عيد الفطر".
وقال إن "هناك تواصلاً مصرياً أميركياً في هذا الإطار، من أجل الضغط على المسؤولين في حكومة الاحتلال لوقف العمليات العسكرية والقصف الجوي خلال أيام العيد".
بحث ترتيبات عملية الاحتلال برفح
وفي سياق آخر، قال المصدر المصري، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، إن "الوفد الإسرائيلي ناقش مع المسؤولين في مصر ترتيبات متعلقة بالعملية العسكرية المرتقبة لجيش الاحتلال في رفح، جنوبي القطاع، المكتظة بالمهجرين".
وأوضح أن المناقشات "تطرقت إلى آليات دخول المصابين وقت الاجتياح، والأعداد التي يسمح بدخولها، مع الاتفاق على آليات محددة تضمن عدم مرور عناصر وقيادات حركة حماس وكتائب القسام بين النازحين والمصابين".
وبشأن مصير المهجرين في منطقة رفح، أوضح المصدر أن الوفد الإسرائيلي "طرح مجموعة من الإجراءات، التي تنحصر جميعها في المنطقة الساحلية على بحر غزة المحاذية للجنوب، عبر إقامة نقاط لتجمع النازحين بعيداً عن مناطق العمليات العسكرية".
وقال المصدر إن "ما ظهر من المناقشات أن الجانب الإسرائيلي ليست لديه أية ضمانات بشأن حياة المدنيين"، مضيفاً أن الوفد "لم يقدم أية إجابات عن تساؤلات حول ما أثير خلال الأشهر السابقة بشأن استهداف تجمعات مدنية، بزعم وجود عناصر مسلحة بينها".
وكشف المصدر أن "المسؤولين المصريين أكدوا (خلال المناقشات) ضرورة ابتعاد العمليات العسكرية عن الشريط الحدودي، والاتفاق على منطقة آمنة لا تقترب منها العمليات نهائياً".
وأوضح المصدر أن "الوفد الإسرائيلي عرض، خلال اجتماع حضره رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، ما وصفه بعمليات تهريب حديثة عبر الحدود بين شمال سيناء وغزة، مشيراً إلى مسؤولية شخصيات ذات طابع رسمي في تلك العمليات".
نتنياهو يخشى وقف مؤقت لإطلاق النار
وفي السياق، قال السياسي الفلسطيني والنائب السابق في الكنيست جمال زحالقة، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين "نتنياهو يخشى أن يؤدي وقف إطلاق النار المؤقت إلى صعوبة في استئناف الحرب، وعملياً فشل مشروعه، وقوله إنه يريد أن يصل إلى النصر المطلق".
وأوضح زحالقة أن "نتنياهو قرر إرسال الوفود الإسرائيلية إلى القاهرة لمواصلة المفاوضات حول صفقة التبادل، لأنه مضطر لذلك، تحت ضغوط كبيرة جداً من عائلات المحتجزين، الذين أعلنوا، السبت الماضي، بداية حملة لإسقاطه، بسبب أنه لا يريد تحرير أبنائهم وبناتهم، لكي تقوم حكومة بديلة بالصفقة. وهذا تطور مهم، وهناك تأييد كبير لهم في الشارع الإسرائيلي، وتظاهرات ومواجهات، وهذا يضغط كثيراً" عليه.
وأضاف أن "الأمر الثاني هو أن الولايات المتحدة تضغط وتقدم باستمرار اقتراحات جديدة". وتابع: "هناك ضغط أميركي كبير جداً على نتنياهو في هذا الموضوع، وأيضاً المؤسسة العسكرية تضغط لأنها تتهم نتنياهو بأنه يؤجل ويسوّف ولا يتخذ قرارات، لا بالنسبة لاجتياح رفح، ولا بالنسبة للبنان، وحتى قضية المحتجزين". واعتبر أنه "أمام هذه الضغوط الثلاثة، ذهب الوفد إلى القاهرة".
بدوره، قال الباحث في العلوم السياسية والمختص بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مأمون أبو عامر، إنه "لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى من الممكن أن يتحرك نتنياهو للدفع بالأمور باتجاه إيجابي".
وقال: "حتى الآن، الوفد الإسرائيلي المفاوض ليست لديه صلاحيات كافية، وهو يذهب برسائل وليس للتفاوض، وهذا يعني أن المفاوضات تراوح مكانها من الناحية العملية، إلا إذا كانت هناك لدى نتنياهو محاولة لرسم صورة وإيجاد مخرج جديد له، وهذا سيتضح من نتائج المفاوضات".
لا آفاق لتغيير نتنياهو نهج التفاوض
وأضاف: "لا توجد آفاق لتغيير نتنياهو نهج التفاوض، وهو لا يزال يعمل في إطار المناورة، بالتوازي مع الضغط العسكري والتجويع برعاية أميركية وصمت عالمي على هذه السياسة الإجرامية التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإجبار حماس على تقديم أكبر قدر من التنازلات، للخروج بصورة الانتصار التي يريد نتنياهو أن يقدمها للجمهور الإسرائيلي".
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية: "نحن شاهدنا نقطتين مهمتين في الأيام الأخيرة في الشارع الإسرائيلي، وهما ارتفاع نسبة التأييد للذهاب إلى صفقة تجاوزت الـ50%، وهذا مهم جداً، وأيضاً ارتفاع مستوى العنف والتهديد من أجل اتهام نتنياهو. ربما هذا يضغط عليه للتحرك".
وتابع: "قد لا يقدم الوفد في البداية تنازلات، وهذه استراتيجية إسرائيلية قديمة، من أجل أن يجرى فحص الطرف الآخر هل غير رأيه أم لا؟ وبالتالي عندما يجدون أن حماس متمسكة بموقفها، فقد يتقدمون حتى لا تفشل المفاوضات، ولكن إن تنازلت حماس، فربما يصعدون من موقفهم".
التعليقات على الموضوع